فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الحج: الآيات 26- 29]:

{وَإِذْ بَوَّأْنا لِإبراهيم مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ للطائفين والقائمين وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا البائس الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}.

.اللغة:

{رِجالًا}: مشاة جمع راجل كقائم وقيام يقال رجل يرجل بفتح الجيم رجلا بفتحتين: سار على رجليه لا راكبا، ويقال هذا رجل أي كامل في الرجال بين الرّجولية والرّجولية وهذا أرجل الرجلين وهو راجل ورجل بين الرّجلة وحملك اللّه عن الرّجلة ومن الرّجلة وقوم رجّال ورجال ورجّالة ورجل ورجلى ورجالى وأراجيل وترجلوا في القتال نزلوا عن دوابهم للمنازلة ورآه فترجل له ورجل أرجل عظيم الرجل ورجل رجيل وذو رجلة مشّاء.
{ضامِرٍ}: في المختار ضمر الفرس من باب دخل وضمر أيضا بالضم ضمرا بوزن فقل فهو ضامر، وناقة ضامر وضامرة وتضمير الفرس أيضا أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت وذلك في أربعين يوما. والبعير يطلق على الجمل والناقة.
{فَجٍّ}: الفج بفتح الفاء ويجمع على فجاج بكسر الفاء والفجاج بضم الفاء: الطريق الواسع الواضح بين الجبلين.
{تَفَثَهُمْ}: أوساخهم وقضاء التفث المراد به قص الأظافر ونتف الإبط وفي المصباح: تفث تفثا فهو تفث مثل تعب تعبا فهو تعب إذا ترك الأدهان والاستحداد فعلاه الوسخ وقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} قيل هو استباحة ما حرم عليهم بالإحرام بعد التحلل. وقال غيره: التفث قيل أصله من التف وهو وسخ الأظفار قلبت الفاء كمعثور في معفور وقيل هو الوسخ والعذر يقال: ما نفثك؟ وحكى قطرب: تفث الرجل إذا كثر وسخه في سفره ومعنى ليقضوا ليصنعوا ما يصنعه المحرم من ازالة شعر وشعث ونحوهما عند حله.

.الإعراب:

{وَإِذْ بَوَّأْنا لِإبراهيم مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} الواو استئنافية والظرف متعلق بمحذوف تقديره اذكر وجملة {بوأنا} مضافة إليها الظرف و{بوأنا} فعل وفاعل و{لإبراهيم} متعلقان ببوأنا و{مكان البيت} مفعول {بوأنا} واختار أبو البقاء وغيره أن تكون اللام زائدة أي أنزلناه مكان البيت والدليل عليه قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ} اما على الأول فيكون معنى {بوأنا} هيأنا و{أن} هي المفسرة لأنها واقعة بعد قول مقدر أي قائلين له لا تشرك و{لا} ناهية و{تشرك} فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وقيل هي مصدرية فعلنا ذلك لئلا تشرك وجعل النهي صلة لها و{بي} متعلقان بتشرك و{شيئا} مفعول {تشرك} وعبارة أبي حيان: وأن مخففة من الثقيلة قاله ابن عطية والأصل أن يليها فعل تحقيق أو ترجيح كحالها إذا كانت مشددة أو حرف تفسير قاله الزمخشري وابن عطية وشرطها أن يتقدمها جملة في معنى القول و{بوأنا} ليس فيه معنى القول والأولى عندي أن تكون أن الناصبة للمضارع إذ يليها الفعل المتصرف من ماض ومضارع وأمر والنهي كالأمر.
{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ للطائفين والقائمين وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} {وطهر} الواو عاطفة و{طهر} فعل أمر فاعله مستتر تقديره أنت و{بيتي} مفعول {طهر} و{للطائفين} متعلق بـ {طهر} و{القائمين والركع} عطف على ما تقدم و{السجود} صفة للركع والأولى أن تجعل الكلمتين بمثابة الكلمة الواحدة لأنهما عملان في عمل واحد وهو الصلاة.
{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} {وأذن} فعل أمر أي ناد بدعوة الحج والأمر به والخطاب لإبراهيم كما يقتضيه السياق وعليه المفسرون جميعا وعن الحسن انه خطاب لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع وهو أقوى من جهة التشريع، و{في الناس} متعلقان بأذن و{بالحج} متعلقان بمحذوف حال أي معلنا و{يأتوك} مضارع مجزوم لأنه وقع جوابا للطلب والواو فاعل والكاف مفعول به و{رجالا} حال {وعلى كل ضامر} عطف على {رجالا} أي مشاة وركبانا و{يأتين} فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون فاعل وجملة {يأتين} صفة لكل ضامر لأنه في معنى الجمع وقرئ {يأتون} صفة للرجال والركبان و{من كل فج} متعلقان بيأتين و{عميق} صفة لفج.
{لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ} اللام للتعليل ويشهدوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعدها وهي متعلقة مع مجرورها بيأتوك أو بأذّن و{منافع} مفعول به و{لهم} صفة لمنافع {ويذكروا} عطف على يشهدوا والواو فاعل واسم اللّه مفعول به و{في أيام} متعلقان بيذكروا و{معلومات} صفة لأيام وسيأتي ذكر هذه الأيام في باب الفوائد.
{عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا البائس الْفَقِيرَ} {على ما رزقهم} متعلقان بيذكروا أيضا ومعنى على هنا التعليل ومثله قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هداكم} وقول الشاعر:
علام تقول الرمح يثقل عاتقي ** إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت

و{من بهيمة الأنعام} متعلقان برزقهم، {فكلوا} الفاء الفصيحة وكلوا فعل أمر وفاعل و{منها} متعلقان بكلوا {وأطعموا} عطف على كلوا و{البائس} مفعول به و{الفقير} صفة.
{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} {ثم} حرف عطف واللام لام الأمر وسيأتي بحث مفيد عنها في باب الفوائد ويقضوا مضارع مجزوم بلام الأمر و{تفثهم} مفعول به {وليوفوا نذورهم} عطف على يقضوا {تفثهم} {وليطوفوا بالبيت العتيق} عطف أيضا و{بالبيت} متعلقان بيطوفوا و{العتيق} صفة للبيت وسيأتي السر في تسميته بالعتيق في باب الفوائد.

.الفوائد:

1- لام الأمر:
لام الأمر ويسميها النجاة اللام الطلبية سواء أكانت أمر أم دعاء فالأول نحو: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} والثاني نحو: {لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ} وتكون للالتماس، فالأمر من الأعلى والدعاء من الأدنى والالتماس من المساوي، ولام الأمر مكسورة إلا إذا وقعت بعد الواو والفاء فالاكثر تسكينها نحو: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} وقد تسكن بعد ثم، وتدخل لام الأمر على فعل الغائب معلوما ومجهولا وعلى المخاطب والمتكلم المجهولين.
2- لما ذا سمي البيت العتيق:
اختلف المفسرون في هذه التسمية فرجح الزمخشري انه القديم لأنه أول بيت وضع للناس، وقال ابن عباس: سمي عتيقا لأن اللّه أعتقه من تسلط الجبابرة عليه فكم من جبار سار إليه ليهدمه فمنعه اللّه، وقال الزمخشري في تأييد هذا الوجه فإن قلت: قد تسلط عليه الحجاج فلم يمنع؟ قلت: ما قصد التسلّط على البيت وانما تحصن به ابن الزبير فاحتال لاخراجه ثم بناه ولما قصد التسلط عليه أبرهة فعل به ما فعل. كما سيأتي، وقيل بيت كريم من قولهم عتاق الخيل والطير.

.[سورة الحج: الآيات 30- 33]:

{ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السماء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (31) ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)}.

.اللغة:

{حُرُماتِ اللَّهِ}: الحرمات بضمتين ويقال في الجمع أيضا حرمات بضم ففتح وحرم بضم ففتح جمع حرمة بضم فسكون وحرمة بضمتين وحرمة بضم ففتح وهي الذمة والمهابة وما وجب القيام به من حقوق اللّه وحرم التفريط به ومالا يحل انتهاكه وتفاصيل الحرمات تؤخذ من كتب الفقه.
{الرِّجْسَ}: بتشديد الراء المكسورة وسكون الجيم والرّجس بتشديد الراء المفتوحة وفتح الجيم والرجس بتشديد الراء المفتوحة وكسر الجيم: القذر والأوساخ وسمى الأوثان رجسا على طريق التشبيه لأنها قذر معنوي.
{الزُّورِ}: الشرك باللّه والباطل والكذب ومن معانيه أيضا العقل والقوة يقال ماله زور ولا صيّور أي لا قوة له ولا مرجع إليه والرأي والسيد والزعيم ولذة الطعام وطيبه ولين الثوب ونقاؤه ومجلس الغناء وهو من الزور أو هو الازورار وهو الانحراف وفي الأساس وكلمة زوراء دنية معوجة ومنارة زوراء: مائلة عن السمت ورمى بالزوراء: بالقوس وفلاة زوراء وهو أزور عن مقام الذل وتقول: قوم عن مواقف الحق زور، فعلهم رياء وقولهم زور، وما لكم تعبدون الزور وهو كل ما عبد من دون اللّه وأنا أزيركم ثنائي وأزرتكم قصائدي. هذا وقد نظم بعضهم معاني هذه المادة بالأبيات التالية:
الصّدر والزائر فهو زور ** وكلّ زوار النساء زير

في جمع أزور يقال زور ** أعني به ذا ميل في الصدر

زيارة أي مرة فزوره ** وهيئة الزيارة ادع زيره

وقطعة الكتان أما الزّوره ** فموضع ذو شجر وطين

وسميت بغداد بالزوراء لانحراف قبلتها قال الطغرائي:
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني ** بها ولا ناقتي فيها ولا جملي

{فَتَخْطَفُهُ}: في القاموس: خطف يخطف من باب تعب خطفا الشيء استلبه بسرعة وخطف البرق البصر ذهب به بسرعة.
{سَحِيقٍ}: بعيد أي فهو لا يرجى خلاصه.
{شَعائِرَ اللَّهِ}: جمع شعيرة أو شعارة بالكسر وفي المصباح:
والشعائر أعلام الحج وأفعاله الواحدة شعيرة أو شعارة بالكسر والمشاعر مواضع المناسك.

.الإعراب:

{ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} ذلك قال الزمخشري: خبر مبتدأ محذوف أي الأمر والشأن ذلك كما يقدم الكاتب جملة من كتابه في بعض المعاني ثم إذا أراد الخوض في معنى آخر قال: هذا وقد كان كذا. ومعنى هذا انه يذكر للفصل بين كلامين أو بين وجهي كلام واحد، وقيل مبتدأ محذوف الخبر أي ذلك الأمر الذي ذكرته وقيل في موضع نصب تقديره امتثلوا ذلك ونظير هذه الإشارة البليغة قول زهير في وصف هرم بن سنان:
هذا وليس كمن يعيا بخطبته ** وسط النديّ إذا ما ناطق نطقا

وكان وصفه قبل هذا بالكرم والشجاعة ثم وصفه في هذا البيت بالبلاغة فكأنه قال: هذا خلقه وليس كمن يعيا بخطبته.
والواو استئنافية ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ و{يعظم} فعل الشرط وفاعله مستتر يعود على {من} و{حرمات اللّه} مفعول به والفاء رابطة وهو مبتدأ و{خير} خبر و{له} متعلقان بخير والجملة في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر {من} و{عند ربه} الظرف متعلق بمحذوف حال.
{وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ} الواو عاطفة و{أحلت} فعل ماض مبني للمجهول و{لكم} متعلقان بأحلت و{الأنعام} نائب فاعل و{إلا} أداة استثناء و{ما} يستثنى يجوز فيه الاتصال والانقطاع وقد تقدم إعراب هذه الآية وما استثناه اللّه في كتابه فالانقطاع على انه ذكر في آية المائدة ما ليس من جنس الأنعام كالدم ولحم الخنزير والاتصال على صرفه إلى ما يحرم من الأنعام بسبب عارض كالموت ونحوه وجملة {يتلى} صلة ونائب الفاعل ضمير مستتر و{عليكم} متعلقان بيتلى.
{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} الفاء تفريع على قوله: {ومن يعظم حرمات اللّه} {واجتنبوا الرجس} فعل أمر وفاعل ومفعول به و{من الأوثان} بيان للرجس {فهو} في محل نصب على الحال واختار الزمخشري أن يكون تمييزا ومثل لذلك بقولك: عندي عشرون من الدراهم لأن الرجس منهم يتناول غير شيء كأنه قيل فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان، وليس قوله ببعيد {واجتنبوا قول الزور} عطف على ما تقدم.
{حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} {حنفاء للّه} حال مؤسسة من ضمير اجتنبوا وغير مشركين حال مؤكدة منه أيضا وبه متعلقان بمشركين وسيأتي بحثهما في باب الفوائد.
{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السماء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ} هذه الجملة مستأنفة مسوقة لضرب المثل لمن يشرك باللّه و{من} اسم شرط جازم مبتدأ و{يشرك باللّه} فعل الشرط، {فكأنما} الفاء رابطة وكأنما كافة ومكفوفة و{خر} فعل ماض وفاعل مستتر و{من السماء} متعلقان بخرّ، {فتخطفه} عطف على {خرّ} وإنما عدل إلى المضارع لسر سيأتي في باب البلاغة، و{الطير} فاعل {أو تهوي به الريح} عطف أيضا و{في مكان} متعلقان بتهوي أيضا و{سحيق} نعت لمكان.
{ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} {ذلك} خبر لمبتدأ محذوف كما تقدم {ومن يعظم شعائر اللّه} تقدم إعرابها والفاء رابطة وان واسمها و{من تقوى القلوب} خبرها.
{لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} {لكم} خبر مقدم و{فيها} حال و{منافع} مبتدأ مؤخر و{إلى أجل} صفة لمنافع و{مسمى} صفة لأجل {ثم} حرف عطف و{محلها} مبتدأ وهو اسم مكان من حل يحل أي صار حلالا و{إلى البيت} خبر و{العتيق} صفة.

.البلاغة:

1- التشبيه المركب والتمثيلي وقد تقدم انه ما كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد وبيان ذلك انه لما انقسمت حال الكافر إلى قسمين لا مزيد عليهما الأول منهما المتذبذب الشاكّ المتمادي على الشك وعدم التصميم على ضلالة واحدة فهذا القسم من المشركين شبه بمن اختطفته الطير وتوزعته فلا يستولي طائر على مزعة منه إلا انتهبها منه آخر وذلك حال المذبذب لا يلوح له خيال إلا اتبعه ونزل عما كان عليه والثاني مشرك مصمم على معتقد باطل لو نشر بالمناشير لم يتراجع عن تصميمه لا سبيل إلى تشكيكه ولا مطمع في نقله عما هو عليه فهو فرح مبتهج لضلالته فهذا مشبه في إقراره على كفره باستقرار من هوت به الريح إلى واد سحيق سافل فاستقر فيه ونظير تشبيهه بالاستقرار في الوادي السحيق الذي هو أبعد ما يكون عن السماء.
وأجاز الزمخشري أن يكون هذا التشبيه من المركب والمفرق قال فإن كان تشبيها مركبا فكأنه قال من أشرك باللّه فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده نهاية بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير فتفرق مزعا في حواصلها أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المطاوح البعيدة وان كان مفرقا فقد شبه الايمان في علوه بالسماء والذي ترك الايمان وأشرك باللّه بالساقط من السماء والأهواء التي تتوزّع أفكاره بالطير المتخطفة والشيطان الذي يطوح به في وادي الضلالة بالريح التي تهوي بما عصف به في بعض المهاوي المتلفة.
وكلام الزمخشري فيه نظر لأن التشبيه التمثيلي ما في ذلك شك ولا مساغ لجعله مفرقا.
2- العدول إلى لفظ المضارع:
سياق الكلام يقتضي أن يعطف فتخطفه على مضارع مع أنه في الآية معطوف على خر وهو ماض، وإنما عدل عن ذلك لتصوير الواقع والتقدير فهي تخطفه فيكون من عطف الجملة على الجملة ولَكِنه آثر المخالفة لاستحضار الصورة الغريبة التي تصوره مزعا في حواصل الطير.